Thursday, February 1, 2024 أخر تحديث:
   
 
اطبع أرسل لصديقي
استخدم هذا النموذج لارسال هذا المقال لصديقك
Friend Email
Enter your message
حجم الخط
27 يونيه 2006 - 24 يناير 2011 >
 
 
 
   
    شاركنا على تويتر  
 
 
 
 
  ضرائب العدالة الإجتماعية لإصلاح خلل القانون ١٩٦ لسنة ٢٠٠٨

ضرائب العدالة الإجتماعية لإصلاح خلل القانون ١٩٦ لسنة ٢٠٠٨

دكتور ممدوح حمزة

المهندس الإستشارى والأستاذ الجامعى

أثار قانون الضرائب العقارية الجديد رقم ١٩٦ لسنة ٢٠٠٨ ولائحته التنفيذية التى شملت 22 مادة جدلاً واسعاً فى المجتمع المصرى لعدم مراعاته للعدالة الإجتماعية وكذلك لعدم إشراك الجهات المعنية -مثل نقابة وجميعة المهندسين واتحاد مقاولى البناء والتشييد - فى دراسة ومناقشة هذا القانون، وهو ما أكد عليه كثير من فقهاء القانون والدستور وكبار الكتاب المتخصصين فى المالية والإسكان.

ومن خلال هذه المقالة أضع أمام الرأى العام والمشرع بعض المقترحات لفرض ضرائب نوعية جديدة تتسم بالعدالة الإجتماعية وتحقق السلام الإجتماعى بين أغنياء وفقراء هذا البلد وتوفر كذلك  تمويلاً مناسباً لحل مشكلة الإسكان وتطوير العشوائيات ولتكون – هذه الإقتراحات – موضع نظر فيما لو تم إصلاح عيوب هذا القانون الذى يقرر ضرائب باهظة على أراضى وعقارات المشروعات الصناعية التى تخدم التنمية وتوظف أيدى عاملة، ولا يفرض ضرائب (عادلة) على أصحاب الربحية العليا وفيلات مارينا وملاعب الجولف والشواطئ الخاصة .

والضرائب الجديدة المقترحة تتمثل فى فرض ضريبة – عادلة – على المسطحات الخضراء (الخاصة) الغير منتجة للغذاء مثل ملاعب الجولف والحدائق والمتنزهات المملوكة للأفراد أو الشركات أو القطاع الخاص عموماً، وكذلك فرض ضريبة على الشواطئ الخاصة المطلة على البحار والأنهار والبحيرات، والضريبة الثالثة تفرض على الوحدات العقارية الشاغرة التى ترتب على إغلاقها ضرراً بالغاً بالإقتصاد القومي وتعطيل رأس المال الوطنى، وأخيراً ضريبة تصاعدية على الربحية العليا.

أولاً: ضريبة على المسطحات الخضراء غير المنتجة للمحاصيل الزراعية: مثل ملاعب الجولف والحدائق والمتنزهات الخاصة، فالمطالبة بفرض ضريبة عادلة عليها يتناسب مع استهلاكها الضخم من المياه وشغلها لحيز كبير من الأرض علاوة على التكلفة المالية الضخمة لإنشائها ليس إلا للرفاهية والإستمتاع فقط، علاوة على المكاسب المالية الفائقة الناتجة من بيع الوحدات العقارية المطلة عليها وكذلك مكاسب الأنشطة الرياضية والسياحية والتسويقية التى تجرى عليها.

ويوجد فى مصر حالياً حوالى 23 ملعب جولف، وجارى العمل فى إنشاء 10 ملاعب أخرى، وتبلغ تكلفة إنشاء الملعب الواحد ملايين الدولارات طبقاً لعدد الحفر فى الملعب الواحد والتى تتراوح من 9 : 18  حفرة تبعاً لمساحة الملعب التى تتراوح ما بين عدة فداديين إلى أكثر من مائة فدان.

ويستهلك الملعب الصغير من المياه حوالى 700 ألف متر مكعب سنوياً بما يكفى الإحتياجات المنزلية لأكثر من 15 ألف نسمة من المياه سنوياً..علماً بأن ملاعب الجولف الخضراء تستخدم كعامل تسويقى للعقارات كبانوراما يتمتع بالنظر إليها قاطنو القصور والفيلات وليس لتنمية رياضة الجولف فى حد ذاتها.. كما يستهلك المسطح الأخضر غير المنتج زراعياً مثل الحدائق والمتنزهات يستهلك حوالى 6000 متر مكعب من المياه في السنة لكل فدان.

وينبغى أن تتحدد قيمة الضريبة العقارية على ملاعب الجولف والمسطحات الخضراء الغير منتجة لمحاصيل زراعية بما يوازى تكلفة تحلية مياه البحر وهو مايعادل “المقنن المائى المناظر” لما يستهلكه رى الملعب من المياه العذبة سنوياً..علماً بأن متوسط تكلفة تحلية متر المياه المكعب يوازى 0.75دولار تقريباً.

فليس من المقبول أن تفرض ضرائب على الفلل والقصور ولا تفرض ضرائب على المسطحات الخضراء المحيطة بها حيث أكدت الدراسات الاقتصادية أن المسطحات الخضراء خاصة ملاعب الجولف والبحيرات الصناعية ترتفع أثمان الوحدات السكنية المطلة عليها بنسبة 45% من قيمتها السوقية، كما تزيد الأندية الرياضية والمراكز الخدمية حوالى25% من أسعار الوحدات العقارية المطلة عليها أوالقريبة منها.

ثانياً: ضريبة الشواطئ الخاصة:مثل شواطئ القرى السياحية والفنادق والمنتجعات والشواطئ الخاصة المملوكة للأفراد..ولنا أن نعرف أن طول الشواطئ الخاصة فى مصر فى الساحل الشمالى والبحر الأحمر والبحيرات حوالى 1500كم .. وليس من المنطق أن يستمتع بهذه المساحات الشاسعة المطلة على المياه شريحة ضئيلة للغاية من المواطنين بينما الملايين من فقراء هذا البلد لا يجدون السكن المناسب.

ويجب تقدير قيمة ضريبة الشواطئ الخاصة بناءاً على طول الشاطئ الخاص بحيث  يفرض رسم على كل متر طولي من هذه الشواطئ الخاصة، ودخل هذه الضريبة سوف يكفى لبناء حوالى 11ألف وحدة سكنية منخفضة التكاليف سنوياً.

وقد أكدت دراسات السوق أن الأراضى المطلة على المسطحات المائية كالبخار والبحيرات تذداد قيمتها السوقية تراكمياً بنسبة تتجاوز 7% فى كل عام وتزيد قيمة وحداتها العقارية حوالى 20% عن الوحدات التى لاتطل على تلك المسطحات حتى وإن كانت على بعد بضعة أمتار من الشاطى.

وللتأكيد على أهمية ومشروعية استحقاق فرض ضرائب على الشواطئ الخاصة للرأى العام أن يعرف أن أسعار متر الأراضى المطلة على المسطحات المائية يعد أغلى أسعار الأراضى فى مصر، فقد تجاوز سعر المتر فى قرى الساحل الشمالى سعر 20 ألف جنيه، وتضاعفت قيمة العقارات بنسبة 800 % خلال السنوات الثلاث الأخيرة .. وليست قضيتنا هنا مناقشة الأسعار البخسة التى اشترى بها المستثمرون هذه الأراضى من الدولة .

ثالثاً: ضريبة على الوحدات العقارية الشاغرة.. فليس من المقبول أن يوجد فى القاهرة والاسكندرية والمدن الكبرى حوالى 20 مليون مواطن يسكنون المقابر والعشوائيات بينما يوجد فى القاهرة الكبرى وحدها أكثر من 2.5 مليون وحدة عقارية شاغرة بما يوازى حوالى 22% من الثروة العقارية فيها .

وليس من المقبول أيضاً أن يموت الألاف سنوياً فى مصر ضحايا افتقاد السكن المناسب بينما يوجد فى مصر أكثر من 6 مليون وحدة عقارية شاغرة، علاوة على 30 مليون وحدة عقارية مغلقة بالساحل الشمالى والقاهرة لا يتم الاستفادة منها إلا لفترات وجيزة جداً تقدر قيمتها بحوالى300 تريليون جنيه بحساب 100 ألف جنية للوحدة السكنية .. وكل هذه الثروات الضخمة معطلة ومعفاة من الضرائب !.

إن فرض ضريبة مناسبة على الوحدات العقارية الشاغرة بما يعادل 3 أضعاف الضريبة العقارية الحالية سيؤدى إلى لجوء مالكيها إلى تأجيرها أو بيعها مما يساعد على حدوث وفرة فى سوق العقارات وباستخدام المتوسط الحسابى ستوفر هذه الضريبة بناء حوالى 100ألف وحدة سكنية منخفضة التكاليف سنوياً ستسهم جذرياً فى حل أزمة الإسكان وسيؤدى الضغط على الملاك للتصرف فى وحداتهم الشاغرة إلى خفض أسعار بيع وتأجير الوحدات السكنية فى سوق العقارات نظراً لما سيتوفر من وحدات سكنية أنذاك تفى بأغلب متطلبات السوق العقارى .

رابعاً: الضريبة التصاعدية :الضريبة فى مصر شريحة واحدة هى20% على من يكسب ألف أو مليون أو مليار جنيه، مما يستدعى زيادة الضريبة على شرائح الربحية العليا كما هو الحال فى أمهات الدول الرأسمالية، وسيكون ذلك الإجراء مؤشر ثقة وأمل للفقراء.

ولايعتقد أنى أدعو هنا إلى أن يزاحم الفقراء الأغنياء فى ثرواتهم ومكتسباتهم، فلا مانع من أن يستمتع المواطن المصري القادر بالمسطحات الخضراء الخاصة به وبملاعب الجولف وبالشواطئ الخاصة وبغلق الوحدات الخاصة به، ولكن هذه الضرائب العادلة ستريح ضميره وستحقق العدالة الاجتماعية وتخفف من حنقة الفقراء على سوء توزيع الموارد فى مصر.

فلابد أن يدفع الغنى للمجتمع الثمن المناسب لهذه المتعة وسيكون ضميره أكثر إرتياحاً عندما يكون هذا الثمن موجهاً إلى مساعدة الفقراء في الحصول على الستر (السكن) .. فمن المؤكد أنه لن ينعم الأثرياء بحياتهم ما لم تكن هناك عدالة إجتماعية توفر للفقير مستوى معيشة مناسب له ولأسرته.

إن الإقتراحات التى أعرضها لفرض ضرائب عادلة لتوفير جزء من التمويل اللازم لحل مشكلة الإسكان فى مصر يعد من صميم العدالة الإجتماعية وحسن توزيع الدخول وتفعيل المشاركة الإنسانية والتضامن الإجتماعى بين مواطنى الدولة غنيهم وفقيرهم بعيداً عن إضافة أى أعباء لموازنة الدولة وأيضاً إرضاءاً لضمائر الأغنياء مع عدم تقييد مبادئ الحرية الخاصة فى التملك والحرية العامة العامة فى تلبية مطلب الفقراء بالستر والسكينة فى مسكن يمثل لهم الستر ويعد من أهم أدوات الإنتاج.

إن توفير التمويل يعد أهم العناصر المطلوبة لحل أى مشكلة فى أى مجال، فالموارد المالية هي الوقود اللازم لتحرك أى خطط أو حلول للمشكلات القومية وأهمها مشكلة الإسكان التى أصبحت بذاتها من أخطر المشكلات الاقتصادية والإجتماعية علاوة على ما أفرزته من مشكلات أخرى كالعنف والإرهاب والتطرف والإدمان والجرائم الشاذة فى محيط الأسرة المصرية، فكانت هذه الظواهر المنحرفة انعكاسات واقعية لجوهر المشكلة الأساسى وهو أزمة السكن منخفض التكاليف .

ونهاية.. أرجو أن تجد هذه الدعوة تفهماً إنسانياً وحضارياً من ترزية القوانين والتشريعات ومن أغنياء هذا البلد .. وهم بلا شك لن يدخروا جهداً فى القيام بواجبهم الإجتماعى والإنسانى نحو إخوانهم الفقراء، وآملاً فى ذات الوقت أن تهتم الدولة بهذا الطرح الذى يمس صميم مسئوليتها وواجبها تجاه الفقراء الذين تنزف دماؤهم ويقضون نحبهم بالآلاف فى العمل والسفر والهجرة والإنهيارات والأمراض والتلوث سنوياً سعياً إلى “الستر” فى سكن مناسب.

 
 
 
 
           
  الرئيسية | مشروع التغير | مراحل المواجهة | مشروعات تنموية | قالوا عن حمزة | صوت وصورة | المجلس الوطني المصري | المكتب الهندسي