Thursday, February 1, 2024 أخر تحديث:
   
 
اطبع أرسل لصديقي
استخدم هذا النموذج لارسال هذا المقال لصديقك
Friend Email
Enter your message
حجم الخط
27 يونيه 2006 - 24 يناير 2011 >
 
 
 
   
    شاركنا على تويتر  
 
 
 
 
  في ذكرى شهداء الأمن المركزي: المتحف الكبير..المطالبة بتغيير الموقع قبل فوات الآوان

في ذكرى شهداء الأمن المركزي:
المتحف الكبير..المطالبة بتغيير الموقع قبل فوات الآوان .
الدكتور ممدوح حمزة
المهندس الاستشارى
بعد مرور أكثر من عشر سنوات فى مسيرة إنشاء المتحف المصرى الكبير عند الكيلو 4.5 طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى جاءت الذكرى السنوية الأولى للحادث المرورى المروع الذي وقع في مثل هذه الأيام من العام الماضي أمام موقع المتحف .. 24 أسرة مصرية احتفلت بالذكرى السنوية لموت أحبائهم في هذا الحادث، ولكن ” الذكرى التي تنفع المؤمنين ” جاءت أيضا لتدق ناقوس الخطر وتحذر مجددا من خطورة إنشاء المتحف فى هذا الموقع المشئوم.
الذكرى أيضا تؤكد الإعتراضات المهنية والعلمية التى أبديتها من قبل ومعى الكثيرون من أهل الخبرة والاختصاص ضد هذا الموقع الذي اختارته وزارة الثقافة دون أدنى سند من دراسات أو بحوث هندسية علمية معلنة أو منشورة وذلك رغم الحملات الصحفية والإعلامية والبرلمانية والرأى العام الذى تشكل فى مصر ضد هذا الاختيار المنفرد وغير المبرر.
وكنت قد تقدمت بدراسة علمية موثقة إلى وزارة الثقافة بتاريخ 21/11/1998 وإلى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بتاريخ 29/11/1998 أظهرت السلبيات العديدة لموقع المتحف المصري الجديد.
وأوضحت في تلك الدراسة إن هذه المنطقة (الأكثر ضيقاً واختناقاً)- على طريق مصر- الإسكندرية الصحراوي – ذات حركة مرورية سريعة وتجمعات سكنية واستعمالات أرضية متداخلة وهى سيئة المظهر والمضمون وينتفي معها تماماً وجود أى فرصة للتوسعات المستقبلية للمشروع، إضافة لما يتسم به هذا الموقع من تلوث سمعى وبصرى ومرورى يؤثر على الرؤية العامة ويمنع تحقيق الأهداف الوظيفية للمتحف .. وبالأخص فى تحقيق معدلات مداخل ومخارج مرورية مرنة وآمنة للمتحف بل ويخلق منطقة ازدحام شديدة تمثل عنق زجاجة يتكرر معها مشكلات المتحف الحالى بميدان التحرير مما قد يتسبب فى العديد من الحوادث نظراً للسرعات العالية على الطرق السريعة بالمنطقة .
وذكرت فى هذا الصدد أن أقل تقدير لمتوسط عدد زوار المتحف فى غير المواسم السياحية وأوقات الذورة لن يقل عن 3 ملايين زائر سنوياً بما يعنى دخول حوالى 200 سيارة فى الساعة لموقع المتحف الذى لا تتوفر له أية محاور تستوعب حركة ومناورة السيارات مما سيخلق معه مشكلات مرورية مزمنة فى المنطقة تقضى على الوقت المخصص لزيارة المتحف وتحيل الزيارة ذاتها إلى رحلة شاقة وغير آمنة يسجن خلالها الزائر فى سيارته مستنشقاً عوادم طابور السيارات والذى لن يقل عن 2 كيلو متر .. وسيؤدى ذلك إلى غلق المرور تماماً أمام المتحف وسوف ترتفع نسبة التلوث البيئى الموجود أصلاً فى الموقع.
وأثبتت الدراسة كذلك أن موقع الكيلو 4.5 محاط بشكل عام بتجمعات كثبان رملية من الشمال والشمال الغربى علاوة على وقوعه بمنطقة غير مستوية أو متناسقة طبوغرافيا لانقسامها إلى ثلاث مناطق ذات تضاريس وميول حادة فى الارتفاع بمناسيب تبدأ من 5 أمتار إلى 40 متراً وتشكل من طبيعة جيولوجية غير مناسبة، وتعد مصدراً خصباً للأتربة والملوثات الهوائية مما يصعب معه تحقيق المتطلبات والمعدلات التخطيطية والبيئية المناسبة للمتحف الجديد .. كما أن صغر المساحة الممكن الاستفادة منها فى الموقع الحالى وما بها من عيوب جيولوجية وطبوغرافية سوف تقلص من حجم الأرض المستغلة .
ولكى لا اتهم بأننى ممن ينظرون إلى نصف الكوب الفارغ أو ممن يوصفون المشكلات دون تقديم بدائل لحلها .. ومن باب تكاملية الدراسة العلمية فقد أرفقت فى ذات الدراسة التى قدمتها لمجلس الوزراء ووزارة الثقافة سنة 1998 إقتراح لموقع بديل لإقامة المتحف جنوبى هضبة الأهرام استعنت فيها ببعض الخبراء المصريين فى مجالات التخطيط والعمارة والمرور والجيولوجيا وجغرافية المدن، وتبين من نتائجها أن هناك بدائل أخرى أفضل بكثير من الموقع الحالى منها إقامة المتحف جنوبى هضبة الأهرام على مسافة 2 كيلو متر تقريباً من مركز الهرم الأوسط .. ليتصل المتحف الجديد اتصالاً عضوياً ومباشراً بالأهرامات الثلاثة فيستطيع الزائر التنقل مباشرة وبسهولة بين المتحف والأهرامات وأبى الهول مترجلاًٍ فى جو من الإثارة التى يبعثها سحر وأسطورية حياة الفراعنة متسقاً مع ذلك كله بانوراما تاريخية ورمزية للمتحف والأهرامات دون أن تعترضها طرق أو مبان مشوهة معمارياً وتفتقر للتناغم أو تقطع الشعور والحس الحضارى والتاريخى للمكان.
والموقع البديل الذى قمنا بدراسته إضافة لكونه يقع خارج كردون الهضبة المحظور البناء عليها فإنه يتميز أيضا بسهولة الوصول إليه وتخلو مسطحاته تماماً من أية استعمالات أرضية أو ملوثات إنشائية ويتيح فى الوقت نفسه مجال الرؤيا الشاملة للأهرامات وأبى الهول ويضمن فرص الامتداد المستقبلى للمتحف ويجعله متسقاً فى وحدة عضوية فريدة مع أبى الهول والأهرامات الثلاثة، فضلاً عن تناسب الخصائص الجغرافية والبيئية والطبوغرافية بما يضمن تحقيق المتحف لوظائفه العضوية والرمزية ويضمن يسر ومرونة حركة المرور وانتقال السياح إليه بيسر وسهولة ويجعل من زيارة بانوراما الموقع (الأهرام ـ أبو الهول ـ المتحف) رحلة خالدة تجذب إليها ملايين السياح سنوياً.
لقد كان من المفترض أن تطرح قضية اختيار موقع المتحف للمناقشات العلمية المتسفيضة والدراسات الوافية التى يشارك فيها كل ذى خبرة واختصاص من الخبراء المصريين والأجانب إن لزم الأمر فى مجالات التخطيط والعمارة والآثار وهندسة المرور والجيولوجيا وجغرافية المدن والطبوغرافيا وغيرها من التخصصات المتعلقة بإقامة هذا المشروع العملاق .. خاصة أن هذا المتحف يعد رابع بيت للحضارة فى العالم بعد أن بنيت متاحف الحضارة الأخرى فى الهند والصين والمكسيك.

ولأننا كعادتنا وعند الشروع فى إقامة مشروعاتنا القومية نهرول إلى الخارج لنحصل على المنح والقروض ليقوم من يقدمها بالعمل بدلاً منا، فقد لجأت وزارة الثقافة المصرية إلى إيطاليا التى فرضت بيت خبرة إيطالى لعمل دراسة جدوى للمشروع لم يكن لها أن تستغرف أكثر من عام واحد ولكنها استغرقت 4 سنوات بتكلفة بلغت 2 مليون دولار قدمتها إيطاليا ليس من أجل سواد عيون مصر ولكن كمعونة (إنقاذ) لبيت الخبرة الإيطالى ليتغلب على مشكلاته المالية فى ذلك الوقت .. وبالاستفسار أفاد بيت الخبرة الإيطالى بأن دراسة الجدوى التى أجراها لم تشمل دراسات اختيار الموقع ولكن الموقع تم تحديده قبل بدء دراسة الجدوى ذاتها .. وهو ما تناقض مع تصريحات المسئولين بوزارة الثقافة التى نشرت بجريدة الأهرام فى 13/4/2002 بأنهم لم يختاروا موقع الكيلو 4.5 شمال هضبة الأهرام!!!
هذا التناقض وعدم الوضوح فى تحديد المسئول عن اختيار موقع الكيلو 4.5 على غير دراسات علمية وغض الطرف عن دراسة البدائل الأخرى، أليس دليلاً على العشوائية وعدم الشفافية الذى يغلف إنشاء العديد من مشروعاتنا القومية ويتكرر مجدداً فى مشروع بيت الحضارة المصرية الذى ينتظره العالم بشغف؟ .. ألم يكن من الأجدر بالمسئولين القائمين عليه الإعلان عن الدراسات العلمية التى أجريت بشأن اختيار الموقع (إن وجدت) .. وكذلك نشر الدراسات التى قامت بها الجهات الإيطالية (إن وجدت) .. وأن يتم وضع نسخ منها فى منابر الفكر والتنوير خاصة نقابة المهندسين و وجمعية المهندسين المصرية تحقيقاً لمبدأ الشفافية؟ كما حدث أثناء إنشاء .. وذلك ليتسنى فحص ومراجعة هذه الدراسات ومعرفة إيجابياتها وسلبياتها بما يحقق الأهداف المرجوة من هذا المشروع العظيم.. هذه الأسئلة الحائرة وغيرها على ألسنة مئات الخبراء والصحفيين والمفكرين منذ عشر سنوات.. ولكن ليس ثمة مجيب.
واليوم.. وبعد تتابع ظهور سلبيات موقع المتحف الكبير وآخرها الحادث الذى مات بسببه عشرات البسطاء من أبنائنا جنود وزارة الداخلية فإننى أؤكد أنني وإن كنت أول من أشار إلى عيوب هذا الموقع إلا أن الرأى العام المتخصص فى مصر من مهندسين وعلميين وجغرافيين وخبراء تنمية قد طالبوا جميعاً بدراسة متأنية لهذا المشروع القومى الكبير، وعارضت عشرات الصحف أن تستأثر الحكومة لنفسها بهذا الأمر دون عرضه على جهات الاختصاص المهنية والعلمية فى مصر أو إعلان ونشر أى دراسات استند إليها اختيار موقع الكيلو 4.5 دون غيره من المواقع البديلة.
لقد طالبت صحف الأهرام والأخبار وأخبار الأدب وبروجريه إيجيبسيان والوفد وإيجيبشيان جازيت والميدان بضرورة التأنى فى دراسة وتنفيذ هذا المشروع وعدم الإصرار على موقع بعينه دون إشراك الخبرات العلمية والمهنية والوطنية .. وعارض العشرات من الصحفيين والمفكرين أسلوب وزارة الثقافة الخاطئ لتنفيذ المشروع .. ومن هؤلاء الأساتذة/ محمد عودة، وسكينة فؤاد، وسيد على، وبهيرة مختار، وسيد عبد العاطى، وشريف العبد، وعبد الجواد على، وجلال السيد، وإيهاب الحضرى، وعبير الضمرانى، وعلاء عبد الهادى، وإيمان جاد، وطارق الطاهر، ومشيرة موسى، ويحيى توفيق، وباهر السليمى، وسحر زهران.

ولم يقتصر الأمر على معارضة الصحفيين والمفكرين .. فقد أثيرت القضية فى مجلس الشعب ودعا النائبان فتحى البرادعى، وممدوح سعد خلال شهر مارس 2001 وزارة الثقافة إلى احترام وجهات النظر العلمية الأخرى فى هذه القضية وتوخى الحذر فى تنفيذ هذا المشروع وطرحه للمناقشة العامة المتخصصة وعدم الاستئثار بالرأى وإتاحته للجميع على غرار ما حدث فى مشروع .. حيث بادر الأساتذة الأجلاء/ الدكتور فتحى سرور، والدكتور مفيد شهاب بطرحها للمناقشة العامة بمشاركة الخبراء والمتخصصين الوطنيين، فجاء المشروع نموذجياً نتيجة لدراسات وأبحاث وطنية خالصة أكسبته قيمة حضارية وجمالية شهد لها العالم أجمع.
وفى الذكرى الأولى لوقوع هذا الحادث المروع- الذى لم يكن الأول ولن يكون الأخير فإن الفرصة ما زالت قائمة لإجراء مزيد من الدراسات والمشاورات فيما يتعلق باختيار الموقع المناسب، وهو أمر لن يتعارض مع ما تم تنفيذه حتى الآن، وسوف تحقق الدراسات المقترحة العديد من الإيجابيات وتضمن فى نفس الوقت تلافى المشكلات التى يمكن أن تظهر مستقبلياً فى المتحف الجديد.. كما أن التجهيزات التى تمت فى الموقع الحالى لن تذهب سدى حيث يمكن أن تنشأ على ذات الموقع وذات التجهزيات مدرسة أو كلية لترميم الآثار.

 
 
 
 
           
  الرئيسية | مشروع التغير | مراحل المواجهة | مشروعات تنموية | قالوا عن حمزة | صوت وصورة | المجلس الوطني المصري | المكتب الهندسي