Thursday, February 1, 2024 أخر تحديث:
   
 
اطبع أرسل لصديقي
استخدم هذا النموذج لارسال هذا المقال لصديقك
Friend Email
Enter your message
حجم الخط
2000 - يونية 2004 >
 
 
 
   
    شاركنا على تويتر  
 
 
 
 
  أزمـة نقابـة المهندسـين

منذ حوالي عشر سنوات تراجعت مكانة مصر المتميزة والمرموقة في جميع المحافل الهندسية الدولية بسبب صدور قانون ديموقراطية التنظيمات النقابية رقم 100 لسنة 1993 والصادر بتاريخ 28 فبراير 1993. وتمثل ذلك التراجع في فقدها لرئاسة العديد من المناصب الدولية الهندسية التي كان يشغلها مصريون، منها رئاسة اتحاد المهندسين العرب، ونائب رئيس المكاتب الاستشارية العربية، ورئاسة هيئة المعماريين العرب، ومنصب الأمين العام لاتحاد الهيئات الهندسية في الدول الإسلامية، وأمين صندوق اتحاد المهندسين العالمي .

ومنذ صدور هذا القانون تعاني نقابة المهندسين من أزمة كبيرة تعصف بدورها في خدمة العمل النقابي، وتحول دون تأديتها لواجبها في خدمة العمل الهندسي وحمايته من الدخلاء ..فمنذ صدور القانون رقم 100 لسنة 1993 بهدف القضاء على الأقلية المنظمة ذات المطامع السياسية للسيطرة على النقابات المهنية والدفع بالأغلبية الصامتة إلى صناديق الانتخابات قامت النقابة بمحاولة إجراء الانتخابات ست مرات. حيث تم فتح باب الترشيح لمجلس النقابة في 9 يناير 1993 وتأجل بسبب صدور القانون رقم 100 لسنة 1993.ثم أعيدت محاولة أجراء الانتخابات في 27 سبتمبر 1993 ولكن تأجلت بقرار من اللجنة القضائية في 20 سبتمبر 1993. ثم تمت محاولة أخرى في 30 ديسمبر 1993 وتأجلت مرة أخرى . ثم جرت محاولة رابعة في 30 يونيو 1994 ولم تفلح ..حيث أفادت محكمة جنوب القاهرة بأن شهر يوليو غير مناسب لإجراء الانتخابات ثم جرت محاولة خامسة في 20 يوليو 1994 وأفادت اللجنة القضائية بعدم وجود عدد كاف من القضاة لإجراء الانتخابات .ثم المحاولة السادسة في 27 ديسمبر 1994 واعترضت اللجنة القضائية وتم بعدها فرض الحراسة على نقابة المهندسين في 3 مايو 1995 وعين أحد المحامين حارساً قضائياً على النقابة، ومما هو جدير بالذكر أنه حصل على 3% من إيرادات النقابة والتي بلغت مليون ومائتي ألف جنية.

لقد كان الهدف من القانون رقم 100 لسنة 1993 أن يؤدي إلى حث الأغلبية الصامتة للإدلاء بأصواتهم في انتخابات النقابة..ولكن وفي ظل هذا القانون وفي ظل وجود حارس قضائي للنقابة هل سيتولى هذا الحارس حث الأعضاء على الإدلاء بأصواتهم أو حضور الجمعية العمومية.

أم كان من المفترض أن تتولى الأحزاب السياسية الموجودة في الساحة القيام بتوعية أعضاء النقابات لممارسة حقهم في اختيار ممثليهم، أوأن تقوم الهيئات القضائية بتوفير العدد اللازم من القضاة لإجراء انتخابات حرة نظيفة تحت أشرافهم مع توفير أماكن مناسبة للجان الانتخابات من حيث السعة تتناسب مع عدد الأعضاء المقيدين بالنقابة والذي يبلغ حوالي ثلاثمائة ألف عضو مما يسهل على الأعضاء القيام بممارسة حقوقهم في الانتخابات والتصويت دون أي شروط مسبقة مثل دفع الاشتراكات المتأخرة وقبول الدفع في يوم الانتخابات حيث يعرض بعض المرشحين دفع الاشتراكات المتأخرة للأعضاء في مقابل التصويت لصالحهم مع منع التكتلات والقوائم لتكون الانتخابات بأسلوب الانتخاب الحر المباشر .

لقد اتفق فقهاء القانون على أن القانون 100 لسنة 1993 يخالف نص المادة 56 من الدستور التي تكفل أن يكون العمل النقابي على أساس ديموقراطي، وأن يدير شئون النقابة أفرادها. وإذا كان يراد بهذا القانون منع سيطرة عناصر معينة على النقابات فإن ذلك قد يكون سبباً مقبولاً في مرحلة معينة خاصة في بداية الممارسة الديموقراطية ولكن لايمكن قبول استمرار هذا القانون الذي أضر بنقابة المهندسين ووضعها في أزمة كبيرة، وقد آن الأوان لأن تقوم النقابات بدورها الطبيعي.

لقد وقعت مصر ضمن 89 دولة على المعاهدة الدولية للحقوق السياسية والمدنية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في الستينات ومصر بتوقيعها علي هذه المعاهدة ملتزمة دولياً بكل ماجاء فيها من أحكام ..وإذا كان القانون رقم 100 لسنة 1993 قد صدر لكي يحمي النقابات من سيطرة فئة معينة فذلك لظروف سياسية لا علاقة لها بالمهنة، وقد آن الأوان لأن يصدر قانون لصالح المهنة وليس لما هو خلاف ذلك.

إن العمل النقابي هو عمل لمصلحة ونفع أعضاء النقابة، فإذا لم تقدم النقابة الحد الأدنى من الخدمات المهنية وتضمن حقوق أعضائها وأمنهم فماذا يكون دورها..

إن العمل السياسي الذي تقوم به النقابات المهنية يكمل الدور السياسي الذي تقوم به الأحزاب بصفة عامة، وقد توقف نشاط اللجان العلمية بالنقابة كما توقفت لجنة الصناعات الصغيرة التي كانت تستوعب عدداً من المهندسين للحد من البطالة بينهم، وكذلك توقف الدعم الذي كانت تقدمه النقابة للباحثين في المجالات الهندسية كما توقفت الدورات التدريبية للمهندسين في شتى المجالات الهندسية .. وذلك أمر طبيعي ما دام الحارس القضائي بداية كانت مهنته محاسب فأعتذر وجاء بعده حارس مهنته محامي ثم حارسان تجاوزا سن التسعين أطال الله في عمريهما.

وفي ظل هذه الأزمة التي أوجدها هذا القانون وما تبعه من تداعيات تدهور العمل الاستشاري الهندسي مما دفع كبار الاستشاريين في محاولة منهم للنهوض بالمهنة إلى إنشاء منتدى للاستشاريين خارج النقابة.. كما قل عدد المترددين على النقابة نتيجة توقف الخدمات التي كانت تقدمها للأعضاء.. وتوقف أعمال إنشاء نوادي المهندسين وخاصة نادي 6 أكتوبر المقام على مساحة 36 فداناً والذي بدء في إنشائه عام 1995. كما سحبت وزارة الإسكان الأرض المخصصة للنقابة بمنطقة رابعة العدوية والساحل الشمالي بالكيلو 56.. وتوقف العمل بلائحة مزاولة المهنة وانعدم التنسيق بين لجان الشكاوي بالنقابة مما أدى هذه اللجان لقرارات متضادة في أحيان كثيرة .. وفي ظل أزمة نقابة المهندسين تعدي علي مهنة الهندسة الاستشارية جهات عديدة ونشأ ما يسمي بالوحدات ذات الطابع الخاص، وهي دعوة حق أريد بها باطل، وأصبحت شركات المقاولات والشركات الاستثمارية تمارس العمل الاستشاري وكذلك بعض الجهات الحكومية فحدث خلط بين المالك والاستشاري، فوهنت وضعفت مكاتبنا الاستشارية، وتبددت سابقة خبرة مصر العريقة في الهندسة الاستشارية وبدلاً من أن تكون زخراً لنا تحولت إلي فتات موزعة علي جهات عديدة لا تمت للعمل الاستشاري بصلة، وأصبحت المكاتب الاستشارية الحقيقية غير قادرة علي المنافسة في الخارج بسبب ضعف سابقة خبرتها وذلك لتشتت الخبرة على الدخلاء على المهنة.

وفي ظل أزمتها لم تستطع نقابة المهندسين وهي الجهة المنوطة بحماية مهنة الهندسة الاستشارية أن تحمي المكاتب الحقيقية فتغلغلت الشركات الأجنبية لتمارس المهنة من أرض مصر دون وجود روابط أو أي عائد للبلد ، فتبددت طاقة المهندسين المصريين بين كل من الشركات والمكاتب الأجنبية والمحلية..إن مهنة الهندسة تمتهن على مرأى ومسمع من الجميع فهل آن الأوان لإصلاح أزمة نقابة المهندسين.

نشرت بجريدة الاخبار 25/6/2003

 
 
 
 
           
  الرئيسية | مشروع التغير | مراحل المواجهة | مشروعات تنموية | قالوا عن حمزة | صوت وصورة | المجلس الوطني المصري | المكتب الهندسي