Thursday, February 1, 2024 أخر تحديث:
   
 
اطبع أرسل لصديقي
استخدم هذا النموذج لارسال هذا المقال لصديقك
Friend Email
Enter your message
حجم الخط
27 يونيه 2006 - 24 يناير 2011 > مقالات >
 
 
 
   
    شاركنا على تويتر  
 
 
 
 
  بحيرة ناصر.. موقع استراتيجى لإنتاج الطاقة النووية فى مصر

دكتور ممدوح حمزة

 

وزير الكهرباء والطاقة المهندس حسن يونس شخصية جديرة بالإحترام ..فوطأة مسئوليات المنصب الوزارى وتبعاته لم تفقده روح العالم والخبير الذى يتابع التطورات العلمية والمهنية فى مجال الكهرباء والطاقة.. حتى فيما يخص الطاقات المتجددة ( الرياح والشمس ) وهما ليسا تخصصه الدقيق إلا أنه متابع لمستجداتهما، فقدرتنا على توفير الطاقة اللازمة للإنتاج والتنمية خلال الخمس عقود القادمة تعد من أهم الإستراتيجيات والتحديات التى تواجه مصر.. ومشروعهاالنووى بالطبع هو أهم مفاتيح وحلول هذه التحديات.

 

وبالرغم من الدراسات التى استمرت لأكثر من 30 سنة حول بداية المشروع وموقعه إلا أن اختيار منطقة الضبعة لتقام بها أولى المحطات النووية لم لم يعد يغنى أبدا عن إنشاء عدة محطات نووية فى أماكن أخرى (بجانب موقع الضبعة) تساهم معاً فى تأمين حاجتنا من الطاقة خلال النصف قرن القادم .. فالإسراع بإنشاء عدة محطات نووية على أرض مصر يبرره نقص متوقع فى الطاقة خلال الفترة القادمة، وكذلك طول مدة بناء المحطات النووية  التى تستغرق 7 سنوات على الأقل.. والمؤكد أن التوفيق فى اختيار المكان الملائم لإنشاء هذه المحطات يعد من أول عوامل نجاح إقامة هذه المشروعات .    

 

وللعديد من الاعتبارات المنطقية والعلمية فإن منطقة بحيرة ناصر تعد مكاناً ملائما لإقائمة 5 محطات نووية تعمل بمفاعلات الإنشطار النووي The nuclear fission reactors ، بحيث تقام ثلاث محطات من جهة الغرب لتغذية الوادى القديم والمناطق العمرانية والتنموية بالصحراء الغربية، وتقام محطتان من جهة الشرق لتغذية محافظة البحر الأحمر والمناطق التنموية بالصحراء الشرقية .

 

فبحيرة ناصر تعد المسطح المائى العذب الأكثر ملائمة فى مصر لإنشاء المحطات النووية التى تعمل بالماء الخفيف (العادى) "light water reactors " وهى من أفضل أنواع المفاعلات أماناً وتكلفة واقتصادية فى التشغيل، وتتميز بالعمر الإفتراضى الأطول بين الأنواع الأخرى من المحطات النووية.. حيث يعمل الماء العذب فى هذا المفاعل كوسيط لتقليل سرعة النيوترونات moderator ، وكمبرد وناقل للحرارة وتحويلها إلى بخار يدفع توربينات توليد الكهرباء، وهذا النموذج من المفاعلات النووية ينتشر بالولايات المتحدة الأمريكية.

 

كما أن وجود شركة " كيما " بالقرب من البحيرة يدعم إقامة محطة نووية تعمل بالماء الثقيل "heavy water reactors " ، حيث يعمل الماء الثقيل كوسيط بهذه المفاعلات ويقوم الديوتيريوم deuterium   وهو الإيدروجين الثقيل الموجود في الماء الثقيل بتقليل سرعة النيترونات في التفاعل الإنشطاري المتسلسل، وهذا النوع من المفاعلات لايتطلب وقود يورانيوم مخصب بل يعمل باليورانيوم الطبيعي، وتنتشر هذه المفاعلات فى كندا .

 

فالماء الثقيل وبالرغم من ارتفاع تكلفة إنتاجه  ( 100 دولار / كجم  عالمياً) إلا أن أهميته تبرز نتيجة لوجود ذرات الهيدروجين الثنائي فيه، حيث يكون فقدان النيوترونات بالامتصاص أقل، وبالتالي فإنه يمكن الاستفادة منها في المزيد من انتاج الطاقة بزيادة  معدل الانشطار وزيادة انتاج البلوتونيوم 239 ، والذي يستخدم بدوره كوقود للمفاعلات أو في الأسلحة النووية.. فمفاعلات الماء الثقيل قادرة على إنتاج الطاقة الكهربائية و إنتاج السلاح النووي أي أنها تصلح للإستعمالات السلمية والحربية على عكس مفاعلات الماء الخفيف الصالحة للإستخدام السلمي .

 

وإضافة لوجود الماء العذب بالحيرة، والماء الثقيل الذى تنتجه شركة كيما المجاورة للبحيرة، فإن المنطقة تناسب بشكل كبير إنشاء هذا التجمع الصناعى النووى، لكونها منطقة غير سكانية، وملائمة طبوغرافياً وجيولوجياً لإقامة هذه المحطات، فلاتوجد بها تضاريس أو صعوبات جيولويجة أو طبوغرافية تتعارض مع الشروط الإدارية والفنية والأمنية اللازمة لإقامة هذه المحطات .

 

واستقرار المنطقة رسوبياً وتناسقها فى التكوينات الجيولوجية المشكلة لبيئتها يجعلها بمنأى عن مناطق الزلازل الشديدة والتصدعات والفلوق والأخاديد، إضافة إلى وقوعها فى العمق الاستراتيجى المصرى وعلى أطراف حدودها مع السودان .. والقرائن التاريخية أثبتت أن الجنوب أقل مناطق مصر خطراً  وأفضلها من الناحية الأمنية حماية ودفاعاً لاحتضان هذه المشروعات .

 

كما أن بحيرة ناصر ضخمة المساحة تصل لنحو 4000كم2 ، و هي على شكل مستطيل طوله من الجنوب للشمال 500 كم، و متوسط الإتساع 8 كم يصل أحيانا الى 21 كم ، بما يتناسق مع الشروط الفنية والهندسية لأقامة المحطات النووية المقترحة بالقرب من ضفتى البحيرة الشرقية والغربية، كما أن موقع ومساحة البحيرة يجعل من السهولة بمكان التوسع فى إنشاء محطات أخرى مستقبلاً .

 

وإقامة المحطات على بحيرة ناصر يسهل عملية التخلص الآمن من النفايات النووية الناتجة عن تشغيل المحطات، وذلك بدفنها بمدافن جيولوجية آمنه بالصحراء الشرقية بعيدا عن وادى النيل وخزان المياه الجوفية بالصحراء الغربية، كذلك فإن الارتفاع النسبى لدرجة حرارة مياه البحيرة بعد تشغيل المحطات سوف يساعد فى تنمية وتطوير الثرورة السمكية والحياة البحرية فى البحيرة .

 

لقد أصبحت الطاقة النووية اليوم تزود دول العالم بحوالى 20% من  الكهرباء، فهي تلبى 35% من احتياجات دول الاتحاد الأوروبي، واليابان تحصل على 30% من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النووية، بينما بلجيكا وبلغاريا والمجر واليابان وسلوفاكيا وكوريا الجنوبية والسويد وسويسرا وسلوفينيا وأوكرانيا فتعتمد كلها على الطاقة النووية لتوفير أكثر ثلث احتياجاتها من الكهرباء .

 

وهناك بعض البلدان تعتمد أكثر من غيرها على الطاقة النووية من أجل توليد الكهرباء ففي فرنسا على سبيل المثال 75 % من الكهرباء ينتج عن طريق الطاقة النووية طبقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي أمريكا حوالي 15 % من الكهرباء ينتج بالطاقة النووية، وهناك أكثر من 400 محطة للطاقة النووية حول العالم وأكثر من 104 محطة نووية قي الولايات المتحدة .

 

وقد نشرت مجلة التايم "time " الأمريكية بتاريخ 17 أغسطس 2009 تقريراً عن المحطات النووية المزمع إنشائها حتي عام 2020، فالصين  بها 11 مفاعل نووي وتقوم حالياً بإنشاء 14 مفاعل ، وتخطط لإنشاء 115 مفاعل جديد ، وفرنسا يعمل بها 59 مفاعل نووي، وتقوم حاليا بإنشاء مفاعل جديد ، وتخطط لإنشاء مفاعلين آخرين، والهند بها 17 مفاعل نووي، وتقوم حالياً بانشاء 6 مفاعلات ، وتخطط لإنشاء 38 مفاعل جديد خلال عشر سنوات، واليابان بها 53 مفاعل نووي ، وتقوم بإنشاء مفاعلين، وتخطط لإنشاء 14 مفاعل جديد، وروسيا بها 31 مفاعل نووي، وتقوم بإنشاء 8 مفاعلات، وتخطط لإنشاء 36 مفاعل جديد، وأوكرانيا  بها 15 مفاعل نووي ، وتخطط لإنشاء 22 مفاعل جديد، والولايات المتحدة الأمريكية بها 104 مفاعل نووي ، وتقوم حاليا بانشاء مفاعل، وتخطط لإنشاء 31 مفاعل جديد . وقد رصدت المجلة خططاً لدول العالم لإنشاء نحو 200 مفاعل نووي جديد بالإضافة إلى ما سبق حتى عام 2050.

 

وفى مصر بلغت قدرات التوليد الكهربائية فى نهاية عام 2007/2008 حوالى 22275 ميجاوات بزيادة قدرها 394 ميجاوات عن العالم الماضى ، كما بلغت كمية الكهرباء المولدة حوالى 124 ملياركيلووات/ساعة، منها 107.7 مليارات كيلووات/ساعة من المصادر الحرارية بنسبة 86.8 % ، ومن المصادر المائية 15.5 مليار كيلووات/ساعة، ومن مزارع الرياح 0.83 مليار كيلووات/ساعة.. وبذلك تبلغ كمية الطاقة الكهربائية المولدة من المصادر المتجددة (ماء ورياح ) حوالى 13.2 % من الطاقة الكهربية المنتجة فى مصر .

 

وبالرغم من وجود الوقود النووي (اليورانيوم) بوفرة عالمياً والذي يسهل الحصول عليه من عشرات الدول، إلا أن مصر لا بد من اعتمادها على ذاتها لاستخراج اليورانيوم من أراضيها، ومن المبشر فى هذا الصدد وجود دراسات تؤكد وجود اليورارنيوم بصحارى مصر، والتكنولوجيا النووية السلمية اصبحت متوفرة عالمياً وانفض الحظر الذى كان مفروضاً عليها.

 

وهناك العديد من الدول الرائدة فى هذا المجال تربطها صداقات وعلاقات وثيقة بمصر ولن تضن عليها فى هذا المجال، والعالم أجمع يعى مساعى مصر للتآلف بين الدول ونبذ الحروب، وتبنيها لدعاوى السلام فى المنطقة والعالم، ناهيك عن قدراتها البشرية فى مجال الطاقة النووية التى تتجاوز الـ 5500 خبير وباحث، ووجود العديد من المؤسسات العلمية المتخصصة فى الطاقة النووية وأبحاثها وأمانها واستخداماتها، كل ذلك وغيره من عوامل القوة تدفع باتجاه برنامج نووى مصرى قوى يوفر حاجتها من الطاقة ويجعلها مصدرة لها.         

 

لقد بدأ البرنامج النووي المصري عام 1957، و يوجد حاليا مفاعلان نوويان أحدهما بقدرة 2 ميجاوات و الثاني بقدرة 22 ميجاوات ، وكانت مصر تنوى إحياء مشروعها النووي عام 1986، لكن حادثة تشيرنوبل في أوكرانيا آنذاك أدت إلى تجميد المشروع الذى آن الأوان لبعثه مجدداً وبقوة، وكل الظروف مواتية لهذا العمل القومى الذى سيزيد من وزن مصر سياسياً وتنموياً، كما أنه سيضيف عائدات إقتصادية وعلمية وتقنية وبشرية إلى منظومتها التنموية.

 

والضرورات التنموية الملحة والزيادة السكانية وارتفاع أسعار البترول والفحم ومخاوف عالمية من نضوبهما، وما يسببانه من تلوث ومشكلات بيئية عالمية أهمها الاحتباس الحرارى ، كل ذلك يستوجب أن تسارع مصر بإنشاء خمسة أو ستة محطات نووية خلال هذه المرحلة على الأقل،  بالتزامن مع تامينها وتطويرها للمصادر الحالية للكهرباء حتى نضمن تلبية احتياجاتنا من الطاقة خلال الخمس عقود القادمة .

 

وأخيراً..فإنه ليس أمام مصر لتحقيق طفرة تكنولوجية وصناعية واقتصادية إلا وجود الطاقة الملائمة والكافية، والتى تتوفر فى المشروعات النووية النى تتهيأ لها كل عوامل التنفيذ على أرض مصر، وحسن اختيار الموقع من أهم شروط نجاح هذه المشروعات، وحبذا لو تحول الجدل حول اختيار المواقع إلى قرار سياسى للنظر فى مقترح بحيرة ناصر وغيره من أركان وسبل تنفيذ المشروع التووى المصرى فى وقت زمنى محدد.

 

فالقرار السياسى مطلوب الآن حتى لا تطول مدة البت فى إنشاء هذا المشروع، وحتى لانغرق مجدداً فى مسجالات وجدل استاتيكى عقيم أصاب من قبل مشروع منطقة الضبعة ولأكثر من  ثلاث عقود بالرغم من إنفاق أكثر من نصف مليار جنيه من أموال الشعب المصرى على أبحاث ودراسات لم تسفرعن شئ مادى يحتل أرض الواقع حتى تاريخه .

 
 
 
 
           
  الرئيسية | مشروع التغير | مراحل المواجهة | مشروعات تنموية | قالوا عن حمزة | صوت وصورة | المجلس الوطني المصري | المكتب الهندسي