Thursday, February 1, 2024 أخر تحديث:
   
 
اطبع أرسل لصديقي
استخدم هذا النموذج لارسال هذا المقال لصديقك
Friend Email
Enter your message
حجم الخط
الاخبار الرئيسية > قالوا عن حمزة >
 
 
 
   
    شاركنا على تويتر  
 
 
 
 
  حمدى قنديل يكتب: كفوا أيديكم عن الثوار

حمدى قنديل يكتب: كفوا أيديكم عن الثوار

فى الوقت الذى يعلن فيه المجلس العسكرى عن اعتبار ٢٥ يناير عيداً قومياً، ويفصح عن برنامج مبهر للاحتفال بالعيد المقبل، وصل فى دقة تفاصيله إلى حد أن أحد أعضاء المجلس كتب بنفسه الأغنية المقررة فى الاحتفال، نجد المجلس وفياً لنهجه المألوف: تمجيد الثورة فى العلن وطعنها وتشويه سمعتها فى الخفاء.. إلا أنه يبدو أن المجلس قد زاد توتره مع اقتراب يوم ٢٥ وتضاعفت خشيته من خطط الثوار المعاكسة، فقرر أن يقلع عن دسائسه الخفية ويخرج فى هجوم مكشوف على رموز الثورة أنفسهم.

 

هذا الأسبوع استدعى إلى التحقيق أربعة من صناع الثورة، اثنين من الرموز هما الدكتور ممدوح حمزة والدكتور أيمن نور، واثنين من الشباب هما نوارة نجم وطارق الخولى، بالإضافة إلى خطيب الثورة الشيخ مظهر شاهين، بتهمة التحريض على أحداث مجلس الوزراء، أى على مهاجمة القوات المسلحة والشرطة والتعدى على الأملاك الحكومية والخاصة، بما فيها إحراق المجمع العلمى، وهى الأحداث التى راح ضحيتها ١٨ شهيداً ومئات الجرحى والمصابين، والتى يمكن أن تصل العقوبة فيها إلى الإعدام.

 

ممدوح حمزة، رئيس المجلس الوطنى، مهندس استشارى عالمى صمم مكتبة الإسكندرية وحصل على جوائز فى عدد من المشروعات الكبرى فى أنحاء العالم المختلفة، وفى عهد مبارك قام بحملات ضد الفساد، خاصة فى وزارة الإسكان، وهو صاحب مشروع بناء مساكن السيول فى أسوان الذى فتح عليه أبواب جهنم لمجرد أنه بنى الوحدة السكنية بـ٣٥ ألف جنيه، فى حين أن المحافظة تبنيها بـ٨٠ ألفاً، وكان ضحية مكيدة أخرى شهيرة فى لندن قضى بسببها ٤٥ شهراً فى السجن هناك لاتهامه بمحاولة قتل ٤ من كبار معاونى مبارك، توفى أحدهم فيما بعد فى حين كان مصير الثلاثة الباقين سجن طرة. ممدوح حمزة، وليس «كنتاكى»، هو الذى زود ميدان التحرر بأكبر مدد أيام الثورة.. هو، وليس حكومة شرف، الذى نظم أول حملة تطوعية لعلاج ورعاية المصابين.. حماسه كشحنة ديناميت عبوتها زائدة عن الحاجة، عادة ما تنفجر فى التوقيت الخطأ.

 

أيمن نور، محام ونائب سابق، وهو مؤسس حزب الغد ومرشح محتمل للرئاسة، وقد اعتقل عدة مرات فى عهد الاستبداد والفساد، ونافس مبارك بشراسة فى انتخابات الرئاسة فى ٢٠٠٥، وحكم عليه بعدها بالسجن ٥ سنوات فى قضية تزوير ملفقة، وقبل الثورة بأسابيع أصبح واحداً من أعضاء «البرلمان الشعبى» الذى سخر منه مبارك بكلمته الشهيرة «خليهم يتسلوا».. زاملت نور فى البرلمان، وعرفته قبل ذلك بسنوات، ورغم الانقسام الحاد حوله بين المريدين والمناهضين فدائماً ما كنت أعجب بحيويته ووقوفه إلى جانب شباب المعارضة فى النيابات والمحاكم.. إذا قارنا مرشحى الرئاسة بمقدار الجهد الذى يبذلونه، فمن المؤكد أنه الأجدر بالمنصب، إلا أن المفارقة المدهشة هى أن يشعل الشباب فتيل الثورة ليتسلمها الشيوخ، ربما لأن ناس مصر المحافظين بطبيعتهم يثقون فى الكبار، خاصة فى أوقات الشدة.

 

نوارة نجم صحفية شابة، أطلقت فى عام ٢٠٠٦ مدونة تطالب بالحرية بلغ عدد قرائها فى اليوم الواحد قرابة ٢٠ ألف شخص، واعتقلت فى ١٩٩٥ لمشاركتها فى مظاهرة ضد دعوة إسرائيل إلى معرض صناعى فى مصر، وهى ناشطة فى حقوق الإنسان برزت فى دفاعها المتواصل عن الأسرى المصريين فى حرب ٦٧، نوارة هى نوارة الميدان بحق، وهى ابنة اثنين من أبرز المبدعين، أحمد فؤاد نجم وصافيناز كاظم، والمؤكد أنها لم ترث منهما قدر ما ورثت من جينات التمرد.. عن بعد كنت أظن أن أقوى ملكاتها هو لسانها اللاذع، لكننى لما شاركت معها مؤخراً فى اجتماع لقوى الثورة، بهرتنى بذكاء حاد وتناقض متناغم فى شخصيتها – بين الحدة والرقة.

 

طارق الخولى، محام وعضو المكتب التنفيذى لائتلاف شباب الثورة، وواحد من مؤسسى حركة ٦ أبريل والمتحدث باسم جبهتها الديمقراطية، وكان قد اعتقل قبل الثورة بأيام لنشاطه المعادى للنظام فى الشارع وفى الإنترنت ومشاركته فى المسيرة التى طالبت بمحاسبة المسؤولين عن قتل سيد بلال الذى اتهم زوراً بتفجير كنيسة القديسين، ولما أفرج عن طارق وزملائه ألقى الأمن بهم فى طريق القاهرة – الإسماعيلية الصحراوى.. طارق الخولى هو خولى الميدان وواحد من حراسه اليقظين.. رأيته فى مناسبة أو اثنتين فى إطار ٦ إبريل الأم، آخرها كان فى الذكرى الثالثة لقيام الحركة عندما بدأت بذور الخلاف المؤسفة داخلها بسبب اقتراح لدى البعض لتحويلها إلى جمعية، وكان الخولى المشاغب بطبعه واحداً من قيادات المنشقين.

 

أما المتهم الخامس فى التحقيقات الجارية الآن فهو الشيخ مظهر شاهين فيكفيه أنه خطيب الثورة، الذى تناقلت وسائل الإعلام خطبه النارية فى صلوات الجمعة بميدان التحرير منذ ٢٥ يناير وحتى الآن. لم يكن كافياً على ما يبدو اتهام الشيخ بالتحريض، فعاقبه وزير الأوقاف على التهمة قبل أن تثبت ربما لأنها زادته شعبية وشهرة. وهى شعبية لا تقتصر على المسلمين وحدهم، ففى الاحتفال الأخير بأعياد الميلاد فى الكنيسة الإنجيلية، كنيسة الثورة، فى قصر الدوبارة كان لقاء المصلين به أكثر حرارة من لقاء المصلين فى كاتدرائية الأرثوذكس بأقطاب تيار الإسلام السياسى.

 

هذا هو السجل الناصع للمتهمين الذين استدعاهم قضاة التحقيق بتهمة قيامهم بالتحريض على أحداث مجلس الوزراء، والذين لا يشك أحد فى أنه تم تلفيق الاتهام لهم بسبب دورهم العنيد فى الثورة، وانتقادهم الحاد لمسلك المجلس العسكرى فى إدارة البلاد.. ولا يستغرب هذا التلفيق، إذ يجىء فى إطار أجواء معادية للثورة، تبدت مؤخراً فى حملة التشويه الرسمية الواسعة التى ألصقت فيها التهم للثوار بالعمالة والتمويل من مصادر أجنبية والتحريض على العنف وإشاعة الفوضى وإيقاف عجلة الاقتصاد، وتنفيذ مخطط شيطانى لتحطيم بنيان الدولة فى ٢٥ يناير المقبل.

 

أمس الأحد مثلت نوارة وطارق وشاهين أمام قضاة التحقيق، أما أيمن نور فقد تم استجوابه الأسبوع الماضى، فى حين أن موعد ممدوح حمزة قد تحدد الأربعاء المقبل.. يأتى هذا فى الوقت الذى أخلت فيه محكمة السويس سبيل رجل الأعمال الملقب بـ«سفاح الثوار» ونجله ووضعا تحت التحفظ حتى لا يندلع غضب الجماهير فى ٢٥ يناير، وقبلها بأيام كانت محكمة السيدة زينب هى الأخرى قد أطلقت سراح المتهمين بقتل الشهداء.
كيف نصدق أن المجلس العسكرى يرعى احتفالات الثورة فى حين يقود الثوار إلى النيابات والمحاكم والسجون ويفرج عن قتلتهم، ومتى تكف السلطة يدها عن الثوار فى النهاية؟!

 

المصري اليوم

16-1-2012

 
 
 
 
           
  الرئيسية | مشروع التغير | مراحل المواجهة | مشروعات تنموية | قالوا عن حمزة | صوت وصورة | المجلس الوطني المصري | المكتب الهندسي